عندما تكون الغربة الإجبارية هي السجن الذي يتحدى الحنين…
رواية ظل الغراب سعيد الصالحي
حينما يأتيك الربيع وأنت تنتظر أزهار اللوز لتفتنك بجمالها ثم تجد نفسك في بلد غريب وقد حطت رحالك في وقت حلّ على العالم ضيف ثقيل فرض السجن الإجباري على الجميع وأغلق المطارات ليمنعك من العودة ويسدل ستار الحجر أمامك فإنك حتما ستكون بطل رواية ظل الغراب.
دكا عاصمة بنغلادش هي المحتوى الرئيس لأحداث ظل الغراب أما زمنها ففترة حجر وباء كورونا. جميع أبطالها ينتمون لدكا باستثناء بطلها (الطيب). الذي سيصارع في هذه العاصمة، الغربة ، زئبقية الطقس ووسادة النوم..لكنه سيتفق مع مخلوق واحد من عالم الأساطير ،وهو أبو توفيق الغراب صاحب النبوءة العجيبة التي تقول ( بأن غراب طيب من بلاد العرب يشعل النار وينفث السحب ، غراب ممشوق سيحمي الصندوق ) الرواية ص56
جاءت رواية ظل الغراب للكاتب سعيد الصالحي بخلفية فلسفية ونفسية لترصد عن طريق تلك النبوءة التي تتحدث عن صندوق يحمل بداخله كتبا مفقودة تعود للعالم الصوفي أبو القاسم القشيري النفس البشرية وصراعها بين الخير والشر. أما سبب اختيار الغراب وأنسنته ليكون بطلا رئيسيا يشارك في أحداث الرواية فأظن أنه يعود لكون الغراب هو المرشد الذي أرسله الله لأول قاتل على وجه هذه البسيطة وهو قابيل الذي قتل أخاه هابيل للأسباب المعروفة في هذه القصة التي ذكرها الله في القرآن الكريم وسبب النزاع البشري بينهما لتنتهي القصة بندم قابيل وتحسره على عدم قدرته على مواراة جثة أخيه إلى أن بعث غراباً يحفر في الأرض حفرة ليدفن جثة أخيه الغراب فتعلم قابيل طقس الدفن منه. هل تعمد الكاتب اختيار الغراب ليكون المرشد والمعلم لبطل الرواية الطيب؟ هل جاء الكاتب بقصة كتب القشيري من أجل إشعال الصراع الذي عاشه الطيب_بعد أن وقع الاختيار عليه في البحث عن الصندوق وحماية ما به من كتب ومخطوطات _بين جماعتين من مدعي التصوف آملا في أن ينجح في سبر أغوار النفس البشرية عند هاتين الجماعتين اللتين تتواريان خلف ستار الدين ثم كشف ذلك القناع في نهاية الرواية؟ والسؤال المهم..لماذا كتب سعيد الصالحي مثل هذه الرواية التي عنيت بصندوق وكتب بينما العالم يغرق بفوضى الحروب والقتل والموت؟ هل كان الهدف من التخلص من المخطوط الأهم في نهاية الرواية هو إيصال رسالة لنا تدعونا إلى تحرير عقولنا وذواتنا من أوهامنا والبحث عن الحقيقة؟ يبقى الجواب عند الكاتب ..
رواية قد نجد أنفسنا في واحدة من شخصياتها ،فما علينا سوى البدء لنجد أنفسنا نلتهمها حتى النهاية..