من المعلوم أن دولة الاحتلال ومنذ قيامها كان لها أهداف استراتيجية منها فرض هيمنتها على الشرق الأوسط. ففي تصريح أدلى به آرييل شارون عام ١٩٨١ بحديث نشر على نطاق واسع بين فيه أن دولته تهدف إلى مد نفوذها من موريتانيا إلى أفغانستان.
وخلال الدورة ال ٧٨ التي عقدت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية سبتمبر الماضي أي قبل عملية طوفان الأقصى بأيام ،ألقى رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو كلمة تمحورت حول آفاق وآثار التطبيع وما أسماه السلام مع الدول العربية ودوره في تغيير الشرق الأوسط حيث قام بعرض خريطة لم تشمل على أي ذكر لوجود دولة فلسطين وطغى اللون الأزرق الذي يحمل كلمة “إسرائيل” على خريطة الضفة الغربية المحتلة كاملة بما فيها قطاع غزة.
ويبدو بأن دولة الاحتلال تحلم بأن تحتل لها مكانة كقوة عظمى يوضح ذلك مقارنة أهدافها بأهداف الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في اعتمادها على إدارة الردع وهو الخيار النووي. فدولة الاحتلال لديها الخيار النووي حاضرا في أي وقت يتهددها من طرف بعض الدول التي أصبح لديها نفوذ مثل إيران. وهي لن تكون قوة عظمى ما لم تفرض هيمنتها على الشرق الأوسط كله
لكن السؤال الذي يطرح نفسه وكنت قد تناولته في مقال سابق بعنوان هل نجحت الحركة الصهيونية في أن تكون حركة تحررية؟ فكانت الإجابة بأنها لم تنجح لأن دولة الاحتلال تعتمد على دعم غيرها من الدول العظمى.
فإذا كانت عظميات الدول تعتمد على أموالها الخاصة بصرف النظر عن مصدرها،لتطوير قدراتها النووية الخاصة مقارنة مع دولة الاحتلال التي تعتمد على الدعم الأمريكي بسبب الضغط الذي يمارسه اللوبي على الكونغرس.
ولو نظرنا الآن وبعد دخول الحرب على غزة شهرها الثالث وبعد ما ارتكبه جيش الاحتلال من مجازر بحق المدنيين إلى تصريحات بعض الدول بشأن دولة الاحتلال وخاصة تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن في تاريخ ١١/ ديسمبر من أن “إسرائيل” على حد قوله بدأت تفقد الدعم الدولي بقصفها لقطاع غزة. وقد علقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية على هذه التصريحات معتبرة أنها تشير إلى بداية الانقسام بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال ينفجر إلى العلن.
وأن تصريحات بايدن تمثل أكبر تغير في لغة الولايات المتحدة بشأن دولة الاحتلال منذ عملية طوفان الأقصى. لوجدنا أن المقاومة بفصائلها قد أحبطت مخطط الهيمنة على الأقل في الوقت الحالي بسبب العجز الذي تعاني منه دولة الاحتلال على جميع المستويات بسبب الخسائر الفادحة التي ألحقتها المقاومة بحكومة الاحتلال سواء كانت عسكرية أو بشرية كما ويضاف إلى هذه الخسائر خسائر من نوع مختلف حيث قالت القناة ١٢ العبرية أن العديد من “الإسرائيليين” قدموا طلبات لجوء إلى البرتغال في أعقاب عملية طوفان الأقصى وكانت سلطة الهجرة والسكان في دولة الاحتلال قد أظهرت أن نحو ٣٧٠ ألف يهودي غادروا منذ بدء العملية حتى نهاية نوفمبر.
وهذه الخسارة تحبط مخططات حكومة اليمين في تعديل الميزان الديمغرافي لصالح دولة الاحتلال.