تعني النيران الصديقة عسكريا إصابة الوحدات المشتبكة في القتال أفرادها أو مجموعات من القوات الصديقة لها عن طريق الخطأ. . ومثل هذا النوع من الحوادث ليس بالجديد نذكر منه ما حدث خلال
غزو الحلفاء لصقلية في تموز عام ١٩٤٣ قام رجال المدافع والبحرية الأميركيون بإسقاط ثلاثا وعشرين طائرة كانت تحمل ٢٢٩ رجلا من الفرقة الثانية والثمانين الأميركية التي تنقل جوا وكان قد تم إخبار رجال المدافع الخائفين بأن طائرات النقل التي تحمل الجنود ستطير فوقهم لكن بدا في تلك اللحظة الحرجة أنهم قد نسوا فأطلقوا نيران مدافعهم وكان بعضهم يصرخ هجوم ألماني، أطلقوا النار..
وقد تكررت مثل هذه الحوادث ( النيران الصديقة) في الحرب الأخيرة على غزة منذ ٧/ أكتوبر بين صفوف جيش العدو.
فقد قُتل مستوطن بنيران الجيش قرب أسدود بعد عملية مطاردة استمرت نصف ساعة بعدما ظنت القوات اليهودية أنه مسلح فلسطيني. كما قُتل ٨ جنود بنيران صديقة خلتل أسبوع شمالي غزة نتيجة إطلاق النار على بعضهم البعض وانفجار عبوة ناسفة.
ووفق ما ورد في صحيفة هآرتس بتاريخ ٢١/ نوفمبر أن جيش الاحتلال كان قد أكد أنه منذ بداية العمليات البرية في غزة حدثت عدة حالات قُتل خلالها جنود بنيران صديقة.
ويبدو بأن من الأسباب التي أدت إلى تلك الحوادث جو المعركة وحالة التوتر والخوف التي يعيشها جنود العدو والتخبط واهتزاز الثقة والضعف والانهزام النفسي جراء بسالة مقاتلي المقاومة وحرفيتهم العالية في القتال.
ومن أسباب النيران الصديقة أيضا أن جنود العدو يتحركون في مناطق كثيفة ويزداد الخطر في ساعات الظلام بحيث يصعب التمييز بين جنودهم ومقاتلي المقاومة. بالإضافة إلى جهل جنود العدو بطبيعة الأرض التي جاءوها غير مؤمنين أصلا بقضية ما يقاتلون من أجله. وشتان ما بين أن تقاتل عما هو ملكك وتعرفه كما تعرف خطوط كفيك ومن جاء فقط بدافع الحقد والانتقام والتعطش للدم..
وأخيرا فإن انهزامية حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو في غزة تحاول التغطية على فشلها عن طريق ارتكاب المجازر بالمدنيين وحصارهم ورفض دخول أي مساعدات للقطاع ظنا منها أنها تحرز بذلك انتصارات. وهذا التخبط يجعل حتى نيرانهم تقف إلى جانب المقاومة الفلسطينية وفي المقابل يؤثر معنويا ونفسيا على جنود العدو ويجعلهم يشعرون بالإحباط.