الرقابة العسكرية وحدة في حكومة الاحتلال مكلفة رسميا بتنفيذ الرقابة الوقائية فيما يتعلق بنشر المعلومات التي قد تؤثر على أمن الدولة.
منذ قيام دولة الاحتلال كانت الرقابة العسكرية التي ورثتها من حكومة الانتداب البريطاني هي الأكثر شمولا من بين جميع أشكال الرقابة. حيث أن المبدأ الأساسي في هذه الدولة كما قال البروفيسور غال نور ( هو أن جميع المعلومات الرسمية سرية إلا إذا سمح بنشرها وهذا يمكن أن يغري الحكومة سهولة كي تستخدم سلطاتها من أجل المنع فحسب أو لتنفيذ مخطط شرير أو لإخفاء مدى غبائها وسوء إدارتها). وقد لخص لنا قول البروفيسور غال نور بعضا من أهداف هذا النوع من الرقابة.
ومن آثار هذه الرقابة وخصوصا في الحروب ازدياد سوء أداء الجيش،وليس أدل على هذا ما حصل عام ١٩٧٣ حين قامت الرقابة العسكرية بمنع الصحف من الحديث عن تحشدات القوات المصرية والسورية على خطوط وقف إطلاق النار، فكان هذا من العوامل التي ساعدت على الهزيمة.
كما نستذكر حادثة انفجار شاحنة عسكرية في إيلات عام ١٩٧٠ حيث كانت محملة بألغام حية وقد انفجرت وقتلت ٢٤ عسكريا وخلفت عددا من الجرحى. وهنا كما عادتها فقد قام الرقيب بمنع نشر أي خبر عن الحادث في أي صحيفة عبرية من أجل التستر على ما حدث من سوء إدارة الحكومة أمام أهل القتلى.
كما نجد أن الرقابة العسكرية التي تتستر على أسرار الجيش المالية تزيد من فساد هذا الجيش وخاصة مع المساعدات السخية التي تتدفق دون شروط.حيث تساعد هذه المساعدات على زيادة العدوان وفي المقابل قلة الكفاءة.
وهذا بالفعل ما نشاهده الآن في الحرب على غزة. فبسبب المساعدات الأمريكية نلاحظ ازدياد العدوان الجوي والقصف الذي وصل إلى حد الجنون بالتعدي على المدنيين وملاحقتهم أينما توجهوا في القطاع وارتكاب مئات المجازر في المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء والشوارع والعراء وبالمقابل فشلهم في المعارك البرية ومواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية الذين يقاتلون في كثير من الأحيان من مسافة صفر ويخرجون من بين الركام والأنقاض وإيقاع الخسائر المادية والبشرية بهم.
ولأن العنصر الحاسم في أي معركة هي الخسائر البشرية والعسكرية لأنه يقصر من عمر الحرب التي تستطيع دولة الاحتلال الصمود فيها لذلك نجدها تتكتم على الأعداد الحقيقية لخسائرها البشرية والعسكرية.
وكمثال من عشرات الأمثلة وتحت ضغط من الرقيب العسكري قامت صحيفة يديعوت أحرونوت بتعديل عنوان وتفاصيل مقال كانت قد نشرته عن جرحى لجيش الاحتلال في ٩/ ديسمبر ،ففي المادة الأصلية ذكرت أنهم ٥٠٠٠ جريح قبل أن تعيد صياغة المقال محتفظة فقط بعدد المصابين بإعاقة والذين بلغ عددهم ٢٠٠٠ منذ بدء الحرب على قطاع غزة.