منذ تدمير هيكل هيرودوس أي الهيكل الثالث بعد هيكل سليمان المزعوم سنة ٧٠ للميلاد على يد جيش الرومان بقيادة تيطس ،واليهود يدعون في ما تسمى صلواتهم أن يعيد الله بناء هيكلهم الثالث في القدس.
وينقسم الحاخامات فيما يخص الهيكل إلى من يدعو لزيارة الحرم وقسم آخر يتحفظ لدواع دينية وسياسية ،بينما يدعو القسم الثالث إلى بناء الهيكل.
ومن هؤلاء حاخام صفد (شموئيل إلياهو) يسانده حاخامات أخرون. وفي فتوى له صدرت عام ٢٠١٢ يقول( الملكوت التي نحلم بها تعرف كيف تهزم أعداءها وتضربهم ولا تترك جرحى في الميدان يخططون لحرب قادمة. ولا مجد لها إلا الهيكل حتى لو نضطر لمحو المساجد في الجبل المقدس).
ويصعد هؤلاء دعواتهم لتدنيس الحرم القدسي استعجالا للخلاص وبناء هيكلهم المزعوم بأسرع وقت. اما بالنسبة لدوافع بناء هذا الهيكل والفتاوى حوله فأولها القومية،حيث يرى أنصارها فيه أنه قلب الدولة اليهودية ومركزا لوحدة اليهود.
اما الدافع الثاني فهو ديني يرى ان بناء الهيكل يتيح إقامة أكبر قدر من العشائر التوراتية. وبالنسبة للدافع الثالث فهو رومانسي،فبناء الهيكل يتيح لليهود التواصل على زعمهم مع إلههم بعلاقة حميمة وحقيقية.
والرابع فهو (مسيالي) أي غيبي وأنصاره يزعمون أن بناءه يشكل خطوة حاسمة لاستحضار الخلاص،على حد قولهم.
ويرى هؤلاء الحاخامات بأنه من أجل التسريع من بناء هذا الهيكل من الضروري تغيير أنظمة العبادة في الحرم عن طريق تغيير الموقف الديني بعد تأليف قلوب اليهود وإزالة مسجدي قبة الصخرة والمسجد الأقصى.
كما يستلزم توفير أدوات ما يقع تحت مسمى العبادة في الهيكل منها أدوات عزف ،ثياب الكاهن الاعظم والبخور ومذبح للقرابين المعد لبنائه بين الأقصى وقبة الصخرة. وهناك منظمات تحظى بدعم من أعضاء الكنيست ووزراء وغيرهم ممن يؤيدون بناء الهيكل ،حيث تتغذى هذه المنظمات المتطرفة من تصريحات هؤلاء السياسيين ومن ضمنهم أعضاء من حزب الليكود.
وقد اتضحت هذه الرؤية بعد حرب ١٩٦٧ حينما وقف لواء المظليين وهم يبكون على حائط البراق وصوت قائدهم ( مردخاي غور) يصرح بحماسة للإذاعة العسكرية بقوله( جبل الهيكل في أيدينا).
واليوم وقبل عملية طوفان الأقصى وتحديدا بتاريخ ٢/ أكتوبر ٢٠٢٣ اقتحم المسجد الأقصى أكثر من ألف مستوطن متطرف يهودي بحماية من شرطة الاحتلال وقاموا بتأدية ما يسمى صلاة تلمودية عند باب السلسلة وهو أحد أبواب المسجد الأقصى.
كما اقتحمه مئات من قطعانهم على شكل مجموعات متتالية من جهة باب المغاربة وأدوا طقوسا تلمودية حاملين ( قرابين نباتية) من سعف النخل ،فيما ارتدى آخرون لباس الكهنة الديني. ،وتأتي هذه الاقتحامات في ثالث أيام ما يسمى ( عيد العرش اليهودي) وسط اعتداءات على المرابطين الفلسطينيين.
كما وأقدمت الشرطة على فرض قيود عمرية على دخول المصلين إلى المسجد يمنع الشباب الفلسطينيين من دخول المسجد خلال فترات الاقتحامات.
وقد نادت جماعات يمينية يهودية بتكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى خلال عيد العرش. ومن هنا نخرج بنتيجة واضحة من خلال ما ذكرناه من اقتحامات وجلب أدوات عبادتهم الفاسدة وثياب الكهنة والقرابين بأنهم بالفعل يسعون لقلب النظام الديني في المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة كما يقدمون على تدنيسه كمقدمة لبناء الهيكل استعجالا على ما يزعمون انتظاره وهو الخلاص.
وأستغرب بعد كل هذه الحقائق التي تتضح كالشمس لمن يتنكرون لعملية طوفان الأقصى التي جاءت ردا على هذه الاقتحامات والطقوس التي يؤديها اليهود في المسجد الأقصى وبالمقابل الاعتداء على المرابطين من شعبنا الفلسطيني الصابر.