كان الاتحاد السوفياتي من أول من سارع بقيادة “ستالين” المؤيد لقرار التقسيم بالاعتراف بدولة الاحتلال عند الإعلان عن قيامها. وقد أعلنت هذه الدولة وقتها انتهاج سياسة “عدم الانحياز” إلى أي من الكتلتين المتخاصمتين اللتين نشأتا في نهاية الحرب العالمية الثانية.
إلا أنها نكثت بوعدها وانحازت إلى الكتلة الغربية. وهذا طبيعي، فلو بحثنا عن رأس المال اليهودي فسنجده حتما في نيويورك وفي العالم الغربي، لا في موسكو أو عواصم الكتلة الشيوعية.
وقد شكل هذا الانحياز من طرف دولة الاحتلال صفعة في ذلك الوقت للاتحاد السوفياتي الذي لم يساهم بقوة في قيام هذه الدولة وحسب إنما عارض مشروع الوصاية الدولية الذي كان لمصلحة الشعب الفلسطيني وهو مشروع أميركي بتاريخ ٢٠/ابريل/١٩٤٨ يدعو إلى وضع فلسطين تحت وصاية الأمم المتحدة بهدف ملء الفراغ الذي تركه الانتداب.
ولأن الدولة الوليدة كانت وقتها بحاجة إلى المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي لن تأتي بطبيعة الحال إلا من العالم الغربي، فجدفت بكل قوتها لتكون الحصن الغربي في الشرق.
وكون هذا الحصن محاط بدول الشرق العربي والإسلامي ،كانت بحاجة إلى الحفاظ على البقاء عسكريا وأمنيا وهذا لن يتحقق إلا عن طريق الانضمام إلى أحلاف عسكرية.
ومن غير الولايات المتحدة الأمريكية ستضمن لها التفوق العسكري القوة التي تحفظ لها المسالة الأمنية.
ومن هنا اكتسبت دولة الاحتلال عداء الاتحاد السوفياتي الذي كان قد دخل حربا باردة مع الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية. وظل هذا العداء قائما حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بين روسيا الجديدة وأمريكا. فكانت دولة الاحتلال هي المستفيد الأول. ذلك لأنها الدولة التي تربط بقاءها ودوامها على استمرار النزاع بين الشرق والغرب.
المهم أن هذه الدولة وقت قيامها كان دورها الاستراتيجي قد التقى الاستراتيجية الأمريكية من حيث إنشاء تكتلات دفاعية في منطقة الشرق الأوسط ضد محاولات التوسع السوفياتي.
والمحافظة على أمن دولة الاحتلال عن طريق السيطرة على رقعة الشطرنج التي كانت هذه الدولة هي قلبها. فاغرقت أحجار الرقعة البرجوازيين بالترف وأغرتهم بالكراسي ودفعتهم للاعتراف بدولة الاحتلال. بل وسلطتهم على شريحة المستضعفين بل وكممت أفواههم عبر الأنظمة الديكتاتورية.
وهددت تلك الحجارة المرفهة بأنها ستفرض عليها الأنظمة الديمقراطية لتسمح لأولئك المسضعفين بإزاحتها. فسكتت وأدركت بان بقاءها من بقاء دولة الاحتلال وبهذا حافظت على أمنها من الخارج. كما قامت الولايات المتحدة بتوفير الدعم العسكري والاقتصادي والمادي بهدف التفوق على العرب.
وفي المقابل استخدمت الولايات المتحدة دولة الاحتلال لتكون قاعدة لأسلحتها لضمان التدخل السريع من قبلها بمنطقة الشرق الأوسط ،والأمثلة على ذلك كثيرة لا يسعنا ذكرها الآن. والأهم من ذلك سيطرة الولايات المتحدة على نفط الشرق الأوسط.
واليوم في حربها على غزة عندما اعتمدت دولة الاحتلال الرواية التوراتية والملكية اليهودية المترتبة عليها بديلا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ،وقف الكونغرس الأمريكي مصفقا لادعاءات بنيامين نتنياهو الأسطورية التي تدعي ملكية أرض فلسطين وحق اليهود التاريخي بها.
كيف لا، وهي الحليف الأقوى والمسيطر؟ لكن ما الذي من الممكن أن يحصل لو انفرجت الأمور بين روسيا والولايات المتحدة وحل بينهما السلام؟
ولو انهارت الأحلاف بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة وخاصة أن هناك من الأمريكان من يعتبر هذه الدولة عبئا أكثر من كونها حصنا، ومصاص دماء يعتاش على أموال شعبها، ما الذي سيحصل لهذه الدولة التي أصبحت بعد حربها على غزة منبوذة من الجميع؟