لجأت الحركة الصهيونية إلى مجموعة من الأكاذيب والأساطير وروجت لها بهدف تبرير مشروعها المتعلق باستعمار فلسطين.وقد كان تاريخ ابتكار هذه الأكاذيب في أوروبا ومنها ولد الخطاب الذي ينادي بحق اليهود في أرض فلسطين.
وقد استفادت من خلال الترويج لتلك الأكاذيب والأساطير لصنع قومية جديدة مشحونة باستعمار فلسطين بادعاء أنها تعود لهم كشعب يهودي،وأن الشعب الفلسطيني ما هو إلا شعب طارئ أتى من هنا وهناك ولا تربطه بفلسطين أي جذور.
ومن هنا ولدت العمليات الإرهابية بهدف احتلال الأرض. وبعد إرساء الوطن المزعوم الذي قام على أنقاض السكان الشرعيين وأصحاب الارض عن طريق انتهاج الحروب لحماية هذا الوطن هو الحل.
فهذه الحروب من وجهة نظرهم حروب عادلة ضد ما أطلقوا عليه إجرام بحق أصحاب الأرض لأنهم هبوا لاستعادتها والدفاع عنها. وهنا ارتكب العدو الصهيوني المجازر بأسلحته المطورة ثم ادعى طهارتها كلما وجه أحدهم له اتهاما بأنه عدو إرهابي وقاتل أطفال ومرتكب مجازر.
وعندما يتبجحون بما يسمونها (أرض إسرائيل) وهو مصطلح تناخي( أي ما يسمى بالعهد القديم) فإننا نرد عليهم بأن هذا المصطلح لم يرد ذكر له في التناخ، وحتى مصطلح( أورشليم) الذي أطلقوه على القدس لم يظهر ولا مرة في توراتهم.
كما أن اليهودية لم تنشأ على أرض فلسطين إنما الحقيقة التاريخية أن نشوءها كان خارجها. لكن الحركة الصهيونية استعارت مصطلحاتها الفكرية مثل (أرض إسرائيل والعودة والوطن) وغيرها من المصطلحات الدينية من الشريعة اليهودية ثم شحنتها بالوطنية القومية التي لم يكن لها وجود أصلا فتحولت الأرض المقدسة التي كانت تحرم الهجرة إليها إلى وطن يجب إقامته كدولة سياسية.
وقد طور هذا التصور الأسطوري شرعنة الإحتلال الصهيوني لفلسطين بالإضافة إلى كسبه تأييد العالم من أجل تبرير هذا المشروع. وما يحصل اليوم في حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ يراه العدو من باب الحروب العادلة.
وأن ما يحصل من قتال من قبل المقاومة الفلسطينية هو من وجهة نظر عقيدتهم إجرام وإرهاب بل إن من حق هذا العدو الدفاع عن أمنه وأمن وطنه المزعوم بشتى الوسائل حتى لو كانت لا أخلاقية ولا إنسانية.
فهو لا يعتبر ما يرتكبه من مجازر بحق المدنيين إبادة وتطهير عرقي بل دفاع وحرب عادلة. ففي حروبه التي خاضها عام النكبة لا يعترف بإبادة جماعية فعلى لسان المؤرخ اليهودي (بيني موريس) يقول( نحن نتحدث عن جرائم قليلة مقارنة بعمليات الإبادة التي تمت في البوسنة أو ألمانيا أو ستالينغراد ،إن أحصينا عدد الجرائم حتى العام ١٩٤٨ فالعدد لا يتعدى ٨٠٠ قتيل، عندما نأخذ بعين الاعتبار أن ما حدث هنا عام ١٩٤٨ كان حربا دموية فقدنا من خلالها ١% من سكان البلاد ،نرى أن سلوكنا كان جيدا).
ومن هنا نفهم أن ما يراه العالم من مجازر ترتكب يراه العدو دفاعا وحروبا عادلة لذلك فإنه بعد كل مجزرة يغسل الكلمات فيستبدل المجزرة بدفاع.