من المعروف أن مصير دولة الاحتلال يعتبر مسألة وجودية تاريخية تزداد خطورة بمرور الزمن بسبب الميزان الديمغرافي الذي يميل لصالح الشعب الفلسطيني ما أربك دولة الاحتلال.
لذلك فإن الحكومة وتحديدا حكومة اليمين عملت بكل طاقاتها خلال السنوات الماضية على مشروع تحت مسمى الدولة اليهودية الهدف منه صنع أغلبية يهودية عن طريق تكثيف بناء المستوطنات واستقدام آلاف اليهود من أنحاء العالم إلى فلسطين، كما سعت إلى زيادة عدد سكانها عن طريق السماح لمجتمعات ذات علاقة باليهودية بالمكوث في ما تسمى بإسرائيل وتوطيد العلاقة معها وتعليمها اليهودية واللغة العبرية وفي المقابل التقليل من عدد الفلسطينيين.
لكن ما حصل بتاريخ ٧ أكتوبر في عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية على رأسها كتائب القسام بقيادة حماس على غلاف غزة، خيب آمال حكومة اليمين في قلب الميزان الديمغرافي لصالحه ،حين بدأ المستوطنون بمغادرة دولة الاحتلال بالآلاف في هجرة عكسية بسبب استهداف المستوطنات والمدن على رأسها مدينة تل الربيع وهذه الهجرة متوقعة من شعب جاء أصلا من الشتات ولا يرتبط بأرض فلسطين بأي جذور عدا تلك الهشة التي اصطنعها الغاصب له.
ما نتج عنه جنون العدو واستهداف قطاع غزة بالقصف المتواصل بالطائرات حيث قيل بأن ما ألقي على القطاع يعادل ثلاثة قنابل ذرية. متذرعة بأنها تقصف الأماكن التي تتوقع تواجد المقاومة بها..
والمتتبع للحرب على غزة يجد بأن لا شيء قد سلم من القصف اليهودي لا البشر ولا الحجر. فقصفت المنازل والعمارات المدنية والمدارس والجامعات ودور العبادة مع أن القانون الدولي يوفر الحماية لهذه الأماكن بحسب اتفاقيات جنيف. ووصلت بهم الوقاحة إلى قصف المستشفيات التي تحظى بحماية خاصة حسب اتفاقية جنيف الرابعة ومحيطها وارتكاب المجازر فيها حيث أنها تؤوي أعدادا كبيرة من النازحين مثل ما ارتكبته في المستشفى المعمداني ومجمع الشفاء الطبي والأندونيسي والرنتيسي وغيره.
وبهذا تكون قد خرقت القوانين الدولية التي تجرم قصف المستشفيات العسكرية فكيف وقد تعدت دولة الاحتلال وتجرأت على قصف مستشفيات مدنية! غير أن دولة العدو لا تأبه بكل القوانين والأعراف فهي الطفل المدلل الذي لا يطاله العقاب.
ما فعلته هذه الدولة لا يعني إلا شيء واحد وهو استهداف المدنيين وخاصة الأرحام التي تحمل وتلد الأطفال الذين سيغدون بعد سنوات شبابا وربما في صفوف المقاومة. يبدو بأن العدو يرى بالفعل في كل طفل فلسطيني جيشا كاملا سيلاحقهم إلى أن يسترد أرضه.
إذن الهدف أصبح واضحا وهو التخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين عن طريق الإبادة الجماعية وخاصة شريحة النساء والأطفال. وترهيب من بقي حيا ودفعهم نحو صحراء سيناء وبالتالي إخلاء غزة من أكثر من مليوني شخص بالتالي يتم تعديل الميزان الديمغرافي الذي يربك حكومة اليمين. والهدف الثاني التخلص من حماس التي تقلق راحتهم وتسلب النوم الهادئ من عيونهم بمقاومتها.
لكنها أضغاث أحلام فلا أصحاب الأرض سيغادرون ولا حماس ستغيب ولا النساء ستتوقف عن الإنجاب فالجذور عميقة متشبثة بالأرض تشبث تاريخها العريق.