هناك مقولة لأحد كبار ضباط جيش العدو مضمونها “لا، لن يوجد بديل للحصان ،ومن يتحدث عن جيش يعتمد على الدبابات ،لا يعرف عما يتحدث، فالدبابة دودة عمياء لا ترى أين هي ذاهبة، ولا يمكن لها أن تكون بديلا للحصان المرن المتحرك والدينامي”.
هذه المقولة جزء من فقرة من رسالة على خلفية بحث نظرية الأمن عام ١٩٨٧. مفادها أنه يتوجب على الجيش التجديد في نظريات إدارة المعارك الجديدة وعدم اعتماد الأساليب القديمة.
ومن المفترض أن تكون المقولة السابقة نافعة لكل زمان ومكان. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة “هل ما رأيناه اليوم في حرب دولة الاحتلال على غزة يعكس التجديد الذي ذكره الضابط في الأعلى وأراده من قيادات هذا الجيش؟“
بالتأكيد لا، لأن ما حصل في غزة يعكس سوء إدارة الجيش ،كشف عنه الدخول البري الذي أثبت أن الأسلوب القتالي السيئ ظهر من خلال عدم قدرة الجندي على الرد على التحديات التي واجهته في ساحة القتال. وأثبت أن الدبابة لم تحمي هذا الجندي بالرغم من التطور التكنولوجي الذي تبجحت به دولة الاحتلال وتفاخرت به أمام العالم. فالاجتياح البري أثبت العكس وأن دباباتهم ليست متطورة بالمستوى الذي ادّعته دولة الاحتلال.
كما أن المواجهة البرية مع المقاومة الفلسطينية عكست القدرات السيئة والمتدنية لجيش الاحتلال. ويبدو أن قادة الجيش لم يقدّر مستوى قدرات جنوده ولم يدرسها قبل اتخاذ القرار المتهور للدخول البري إلى القطاع.
وقد رأينا كيف لقي مئات الجنود من جيش الاحتلال حتفهم فيه. ولا بدّ بأن هذا الأداء كان صادما لبنيامين نتنياهو الذي قرر مخطئا الدخول حيث قادته قدماه إلى فخ غزة دون أن يعي النتائج المترتبة هناك. وهذا يعكس افتقار نتنياهو لاتخاذ القرارات الناضجة.
وليس أدل على قراراته التي تفتقر الحكمة والنضوج الفشل الذريع الذي مني به جيشه بعد خسارته مئات الجنود والضباط وانسحاب عدة ألوية من القطاع مثل لواء جولاني وغيره دون تحقيق أيّ من أهداف الحرب، سواء في القضاء على حماس أو استعادة الأسرى.
ومن هنا نتساءل ،هل وضع بنيامين نتنياهو نصب عينيه عندما قرر أن يخوض حربا في غزة ،أن جيشه الجبان سيقف أمام مقاومة ثابتة لا تخشى الموت بل تقبل عليه دون خوف، مقاومة ألحقت الضربات المتلاحقة به على مستوى الضباط والجنود و الآليات العسكرية؟
اليوم جيش الاحتلال مستنزف ومنهك فمتى سيعترف نتنياهو بالهزيمة وخاصة أن جيشه في تناقص مقابل فشل في التعبئة البشرية بعد التمرد عليه ورفض التجنيد من قبل العديد من جنود الاحتياط، بعضها لأسباب ضميرية وأخرى نفسية؟
فأين هو الانتصار يا “بيبي” وهوة الخلافات كل يوم تتعمق بينك وبين جيشك بعد الهزيمة والخسارة في المعارك البرية؟