ما الذي يدفع دولة الاحتلال لتقبل على نفسها شيئا وهي المغتصبة الغازية ثم تحرمه على أصحاب الأرض الشرعيين؟
فهل السبب الذي يدفعها لازدواجية المعايير هو هاجس الانتقام من المقاومة في غزة التي ما فتئت تذكرهم من حين لآخر بأنهم طفاة ومغتصبوا أرض وقتلة أطفال ومدنسوا أماكن العبادات؟أم أن السبب في هذه الازدواجية هو تغيير الحقيقة التاريخية بأن فلسطين دولة عربية وأن ليس للفلسطينيين أي حق بها وأنهم هم من يمتلكون الحق التاريخي والديني بها؟
يبدو أن الأسئلة كثيرة والأسباب أكثر لكن دعونا هنا نستذكر الطيار الألماني هربرت كوكورس الذي كان متطوعا في قوات الأمن الخاصة ( الغستابو) البوليس السري الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية والذي أصبح فيما بعد على قائمة الأهداف المنوي اغتيالها من قبل دولة الاحتلال لاعتباره مجرم حرب نازي لأنه وعلى حد قولهم متورط بقتل خمسة عشر ألف يهودي بشكل مباشر أثناء الهولوكوست المزعوم ،وبشكل غير مباشر متورط في قتل عشرين ألفا.
وقد ادعت دولة الاحتلال بأنه قتل اليهود في تلك الفترة من أجل التسلية.فكان يطلب منهم الهروب للنجاة بحياتهم ثم يطلق عليهم الرصاص ،كما أنه قام بإضرام النار في المعابد بعد حبس اليهود فيها وشرب الويسكي وهو يستمع إلى صراخهم..
إذا افترضنا بأن جميع ما ادعته دولة الإحتلال بحق كوكورس صحيحا، فليفسروا لنا إذن ما ارتكبته عصاباتهم في فلسطين من قبل قيامها وإلى بعد ذلك. ألم يرتكبوا عشرات المجازر الدموية بحق الشعب الفلسطيني؟ ألم يهدموا عشرات القرى؟ ألم يطلقوا الرصاص على أصحاب الأرض بعد أمرهم بالفرار؟
ودعونا نتخذ مجزرة قرية دير ياسين كنموذج لما ارتكبوه من أفعال اعتبروها جريمة بحق كوكورس مثل أنه شرب الويسكي وهو يستمع إلى صراخ اليهود وهم يحترقون! فما الذي حصل في قرية دير ياسين بتاريخ ٩ نيسان ٤٨ ؟ بشكل سريع ومختصر ارتكبوا مجزرة من أبشع المجازر في التاريخ حيث قتلوا واغتصبوا وبقروا بطون الحوامل وأخرجوا الأجنة وحزوا رؤوسها بدم بارد وبعد القتل وإرضاء ساديتهم وهوسهم للذبح قاموا بحرق الجثث بعد دفنها في الآبار كما شربوا وأكلوا على رائحة الدم وشواط الجثث. فهل ما ارتكب كوكورس جريمة وما ارتكبوه هم مجرد لعبة إلكترونية؟
والآن وما يحدث في غزة وتحديدا في ٧ اكتوبر من قصف متواصل وعنيف واستهداف للعمارات السكينة والمستشفيات ومراكز الإيواء وما رصدته فيديوهات عرضت على وسائل التواصل الاجتماعي من سماع قهقهاتم أثناء استهدافهم للمساجد وشقق المدنيين ألا يعتبر في أعرافهم تسلية؟ ماذا تسمي دولة الاحتلال ما تفعله عندما تهدد سكان شمال غزة بالنزوح إلى الجنوب ثم تقوم بإطلاق صواريخها عليهم في طريق النزوج؟
يتهمون النازيين بالجزارين حين كانوا هم الضحية المزعومة واليوم يتهمون المقاومة بالإرهاب وهي تدافع عن حقها وحق الشعب الفلسطيني بأرضه بينما ما ترتكبه صواريخهم وقنابلهم المحرمة دفاعا عن النفس؟ ألا يعتبر كل هذا ازدواجية وخرق لجميع الأعراف الدولية؟
والولايات المتحدة التي تقف خلفها بمعاييرها المزدوجة أيضا ونظرتها للإرهاب التي تشير إلى عقلية غريبة بين السياسيين الأمريكيين والتي تطلق على العنف السياسي إرهابا فقط إذا ارتكب من جانب من لا يحبونهم.
ونراها اليوم وقد تذرعت بمكافحة الإرهاب من طرف المقاومة الفلسطينية بعد أن وسمتها بهذا المسمى وتدخل علنا وبشكل صريح وفاضح وعلني إلى جانب دولة الاحتلال طبعا ليس لسواد عيونها بل من أجل مصالحها الجيوسياسية في المنطقة.
للأسف إن ما يحصل في غزة اليوم لهو مثال واضح على ازدواجية المعايير لدولة الاحتلال كما من تقف وصية عليها وهي الولايات المتحدة؟